الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي
بقلم: ذ.محمد بدران
يتبجح كثير من الأوروبيين بالديمقراطية وحقوق الإنسان لكن الواقع المعاش يرسم لنا صورة ضبابية متناقضة مع هذه المبادئ المزعومة والمتقلبة من حين لآخر ومن سبب لسبب، وتقتصر على جهة دون جهة وعلى موضوع دون آخر. وهذا ما يخلق لنا جوا واسعا من النفاق السياسي على أرضية الكيل بمكيالين. وتبقى هذه المبادئ حبيسة المصالح السياسية الضيقة وراء خدمة مصالح كل دولة على حدة ولمصلحة شعبها لا أقل ولا أكثر. كما أن هيبة كل دولة من الدول تقاس بقدر ثقلها وتأثيرها في ميزان القوى على الساحة الدولية. وهذا ما جعل موضوع الإسلام هدفا سهلا لكل من هبّ ودبّ، من كل من يبحث عن الشهرة والجاه أو المال وهذا عائد في الأساس إلى تشرذم العرب وضعف المسلمين والتفريط في القوة الحقيقية التي كانت تجمع بين شعوبهم وتألف بين عقولهم وقلوبهم قرونا وقرونا.
فمثلا، كثير من الأوروبيين يعتبرون الإسلام خطرا قادما عليهم بلا محالة وهم على يقين أن قوة هذا الدين تكمن في القرآن الحكيم وفي شخصية محمد صلى الله عليه وسلم النبي الكريم ، فيعتبرونه شخصية تاريخية يجب احترامها بقدر ما يحترمون من يؤمن بها. ومنهم من يرى غير ذلك ويحاول المس بهذه الشخصية العظيمة لإزالة القدسية عنها حتى يسهل التلاعب بالدين الإسلامي وبباقي المسلمين وخير مثال على ذلك الحملة المتوالية من فرنسا من طرف صحيفة “شارلي إيبدو” صاحبة الرسوم المسيئة للنبي الكريم (ص) التي كلما خمدت نارها تشتعل لتعود تكوي شعورنا من جديد.
عادت مرة أخرى لتمس بقدسية نبينا الحبيب بدعوى حرية تعبير شخص واحد، على حساب خدش مشاعر مليار ونصف مسلم والاعتداء على حريتهم باستهزائه بعقيدتهم وتدنيسه لمقدساتهم، وكأن الموضوع مجرد سخرية وفكاهة وتستتر بالصحافة لنشر السخافة. ويبقى العامل المادي والدخل المالي في كل الحالات هو سيد الموقف دون مراعاة للرسالة المهنية الشريفة المعهودة للسلطة الرابعة على اختلاف أنواعها وتعدد مشاربها وقناعاتها.
فمنذ شهر سبتمبر الماضي وهذه الصحيفة واقفة على حافة الإفلاس، لم تنجو من مخالبه الحادة بعد، حتى صدر في حقها حكم قبل أسبوعين من طرف محكمة فرنسية تجبرها على تأدية تعويضات ب 90.000 أورو لأحد عمالها الرسامين الذي فسخت إدارة الصحيفة عقد عمله وطردته بطريقة غير قانونية. أمام هذه الورطة الكارثية التي ألمت بها والتي أضيفت إلى خسارة سنة 2011 التي لحقت بها جراء إحراق مقرها وقرصنة موقعها الإلكتروني وتهديد رئيس تحريرها بالقتل بعد نشرها للرسوم المسيئة للرسول الأمين صلوات الله وسلامه عليه، والتي قام برسمها هذا المسؤول بنفسه.
واليوم لم يبق أمام هذا الأخير المسمى “شارب” سوى الحل الوحيد الذي يفيض عليه بالمبالغ الهائلة التي يحتاج إليها وهي الركوب على موجة الإسلام والمسلمين مرة أخرى.
فقد قام يوم الأحد 30 دجنبر بالإعلان عن إصدار سلسلة كرطونية جديدة ستقوم بنشر العدد الأول منها في كتيب تحت عنوان “بداية نبي” للتعريف بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي سيوزع في الأسواق منذ يوم الأربعاء 2 يناير والتي وصل ثمن النسخة الواحدة منها 6 أورو بغية تحقيق 90.000 أورو الخاصة بالغرامة.
فالصحيفة ما زالت عازمة ومقررة على الاستمرار في برنامجها والسير في عملها الجديد، هذه السلسلة من الأحداث التاريخية الإسلامية على شكل كتاب صور كرطونية متتالية لينعتق من الإفلاس.
كما أعلن رئيس هذه الصحيفة أنها بيانات غير محرمة في الإسلام مكتوبة من طرف مسلمين كشريكته الجديدة في العمل المغربية، زينب الغزوي والتي وضحت أنه لم يرد لا في القرآن ولا في السنة منع رسم النبي (ص)، وتعتبر أن عدم رسمه فقط عادة وليس حرام كما يعتقد المسلمون، وبأن هذه السلسلة ليست بالاستهزائية أو ذات صبغة السخرية كالسابق عن حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بل هي مأخوذة من السيرة النبوية وبدون أي سخرية وهدف العمل طيب وحلال حتى يتعرف عليه كل الناس. وأضاف كذلك أنه من حقه معرفة شخصيته لأنه سبق له أن أخطأ في رسمه دون أن يتعرف عليه من قبل.
بأي منطق يخرج علينا الرجل المريض بهذا الأسلوب الوقح والمتملق؟ ونتركه يدنس وجه الرسول المقدس (ص ) أمام عيون ما يفوق المليار ونصف مسلم لو بكت جميعها في آن واحد لأغرقته الأرض بسيول دموعها. فتوظيف صورة محمد صلى الله عليه وسلم تعتبر انتقاما من المسلمين الذين بدؤوا يسمونهم في الغرب ب”مجانين الله” لأنهم يتخوفون منهم ويريدون تحطيمهم ولا سيما بفرنسا بلد الإسلاموفوبيا الغربية الذي يعتبر فيها الإسلام ثاني دين .
ما هذه الوقاحة الجارحة أن نترك الصورة المقلوبة والصيغة المغلوطة عن نبينا الكريم تباع في المحلات والمكتبات والأسواق والأكشاك لتزيد من حدة الإسلاموفوبيا وتقوي من الهجمة الهمجية على المسلمين؟.
من باب السخرية من ديننا ومن أجل تدنيس مقدساتنا وخدش مشاعرنا، أنتجت هذه السلسلة الكرطونية بالاستعانة ببعض الأقلام الكارهة للإسلام والمسلمين كالمغربية زينب التي تحدث عنها هذا الرسام في سلسلته الأخيرة بصفة معرفتها السابقة ببعض الأشياء عن الإسلام .وتمّ وضع اسمها على الصفحة الأولى لمدخل الصحيفة لإعطائها المصداقية، والإيهام بأن القضية تشرف عليها وتضمنها شخصية مسلمة والتي تضمن مطابقة هذه السلسلة مع الحقائق التاريخية ولا تخدش كرامة وشعور المسلمين. لكن هذه الأخيرة سبق لها أن اعترفت من قبل بأنها ملحدة وبأن العملية ثقافية وتتعلق بحرية رأي واعتقاد وليست تتعلق بالإسلاموفوبيا التي تقف وراءها العشرات من الجمعيات والمنظمات والأشخاص المعادين لهذا الدين والتي تألف بين قلوبهم كراهية الإسلام والمسلمين.
إنها الفتاة المغربية والعضو المؤسس لحركة مالي (الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية)، والتي سبق لها أن نادت من قبل بإفطار رمضان علنيا في المغرب، والتي دافعت عن رسومات الصحيفة الكاريكاتيرية، وأعلنت غير ما مرة أنه لا يجب استثناء محمد (ص) من الرسوم مثله مثل البابا وعيسى عليه السلام ونيكولا ساركوزي، متوعدة بإزالة التنزيه والتقديس على الله ونبيه محمد (ص) والقرآن والعياذ بالله، زيادة على ما صرحت به سلفا للإعلام الفرنسي أنها تتعامل مع هذه الجريدة لأنها علمانية ومعادية بالدرجة الأولى للمؤسسات الدينية وهذا ما يتلاءم مع نفس مبادئها وقناعتها الشخصية وتدافع عنها،فهي منذ صغرها اكتشفت أن الدين يخلق مشاكل ولما كبرت قامت ببحث ولم يعجبها الإسلام فأصبحت ملحدة.
ويعود “شارب” ليتمم حديثه الصبياني قائلا: بأن فكرة نشر كتاب لرسوم حياة النبي محمد (ص) جاءته منذ سنة 2006 لما أعادت صحيفته نشر الصور الدنمركية وقال أنه الآن يريد أن يتعرّف على الشخصية بهذه السلسلة الكرطونية لأنه أخطأ سابقا في نشر السخرية دون أن يتعرّف عليها. وهو يعلم أن أناسا ستصيبهم صدمة كبيرة من هذه السلسلة لكن لم يرد من عمله صدمهم،فهو يريد إظهار حقيقة الإرهابيين ليجعل المسلمين يضحكون من بعضهم البعض ،حتى لم يبق يخاف منهم ولا من الإسلام أحد.
واسترسل في حديثه الثقيل على الأذن الجاثم على القلب أنه رسم محمدا (ص) إنسانا لأنه شخصية كالشخصيات الإنسانية لو اتفقنا معه على رسمه، ويحبذ لو تكون هذه الصورة في المدارس ويقرأ عنها كذلك الأطفال المسلمين الصغار كالشخصيات الأخرى.
سم معسول خلاصة رجل مهبول علينا أن لا نحفل به ونتركه يغوص في إفلاسه هو ومن حاداه إلى يوم لقاء الله،على هذه البداية تستقبل الأمة العربية والمسلمة هذه السنة الجديدة كناقوس خطر وكابوس نحس بمشاركة فتاة مغربية فارق ذووها أرض الهوية بحثا عن مكاسب الرزق فانتهى بها المطاف في خندق الكفر والإلحاد. وهذا ما نخافه على شبابنا المسلم من الوقوع فيه إن لم تصلح تربيته ويتحصن بتعاليم الدين الحنيف، ولعل الأزمة الاقتصادية الحالية بأوروبا خير ابتلاء لعودة القليل وحبس الكثير في حضن الوطن ولله في خلقه شؤون.