سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
بقلم: مها حكم (طالبة مغربية)
إن الحديث عن الماضي المجيد للمسلمين في بلاد الأندلس لا يكتمل دون أن يتخلله الشعور بالأسف و الحسرة على كل ما بثر من الحضارة الإسلامية ليسقط بين ايدي القوات الكاثوليكية.
الحضارة الأندلسية ، هده الحضارة العريقة التي تبعث إلى الفخر بعصر كانت فيه راية الإسلام هي الأسمى والأقوى خاضعة لها ولعظمتها مناطق هي اليوم من أقوى البلدان اقتصاديا وسياسيا.
إننا اليوم عندما نتحدث عن غرناطة أو قرطبة أو اشبيلية أو غيرها من المدن الأندلسية، يتبادر إلى ذهننا كل ذلك المعمار الإسلامي العتيق دليلا قاطعا على أن الأندلس لازالت تحوي في ذاكرتها آثار الوجود الإسلامي العتيق وما فتئت تنسلخ منه حتى في عادات ما تبقى من سكانها الأصليين و طقوسهم. ولم تنحصر الحضارة الأندلسية على شبه الجزيرة الأيبيرية بل استطاعت أن تعبر حدودها لتصل إلى شمال افريقيا و مناطق في الشرق الأوسط. فبعد سقوط غرناطة آخر إمارة أندلسية خاضعة للكيان الإسلامي، اضطرت كبرى العائلات الأندلسية إلى الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى شواطئ شمال إفريقيا، فمنها من استقر بالمغرب الأقصى و منها من فضل التوجه إلى بلدان مجاورة و كان المغرب بذلك البلد الذي استقبل أكبر عدد من الأندلسيين. وكما هو معروف لدى الجميع، فالمغرب بلد ضم عبر السنين فئات متعددة وأجناس مختلفة من المهاجرين واللاجئين وجدوا فيه الأمن والأمان الذي لا طالما غاب في بلدانهم الأصلية. ولعل هذا التنوع الاجتماعي هو السبب الرئيسي في التعايش الذي اشتهر به المغرب ولا زال مثالا يقتدى به عبر العالم، إذ نجح في بناء مجتمع متكامل دمج بين الأندلسيين والبرابرة والصحراويين وغيرهم من الفئات المختلفة دينيا وعرقيا، إلا أنه وللأسف الشديد وبعد مرور أربعة قرون على استقرار الأندلسيين بالمغرب، أفاجأ بخطاب مليء بالكراهية والحقد للمورسكيين موجه من طرف مغربي كان من المفترض أن تدفعه روح المواطنة المتشبع بها إلى احترام شريحة من المجتمع المغربي الأصيل التي دونت بأحرف من ذهب فترة تاريخية لن ينساها المغرب ولا التاريخ.
ليست الأندلس في حاجة للدفاع عن أبنائها ولا حاجة للأندلسيين في الدخول في جدال حول أصالة ثقافتهم ومجد خضارتهم الذي يعتزون به، فلن يستطيع أحد إخفاء نور الشمس بالغربال، ولكن ما من حق أحد أن يتطاول على مواطن ويمسه في غيرته على وطنه وحبه له، وكواحدة من أبناء العائلات الأندلسية العريقة الذين يحملون حب هذا الوطن في كل قطرة دم تجري في عروقهم، أود الرد على من يجرؤ على التشكيك في وطنيتنا وغيرتنا على البلد الذي ضمنا بصدر رحب وشهد نشأة أجيال ترعرعت بين أحضانه وحملت حبه في قلبها قبل اعتزازها بأصولها.
كم يبعث على الشفقة أن نقرأ لــ”مثقف” نصا كان الدافع الأول إلى كتابته عقدة الحقد والدونية العنصرية اتجاه المغاربة ذوي الأصول الأندلسية، وكم من المخزي أن يحط المرء من قيمة ثقافته وينعت المغاربة بالمتوحشين فقط من باب الاستهزاء بالثقافة الأندلسية التي يجهلها تماما.
كثيرا ما نربط الوعي بالشهادات الأكاديمية التي يحصل عليها المرء في حياتهـ ولكن الحقيقة أن الوعي هو أولا أخلاق واحترام، فلا تقدم دون احترام الآخر، وإن عقدة الدونية لا تعني إلا الشخص المصاب بها ولا تخص على الإطلاق أي فئة اجتماعية، ربما لو كانت الأصول والتاريخ أشياء تباع وتشترى لحلت عقدة حاقد وحاسد ولكن الثقافة تتوارث عبر الأجيال ولا نختار حسبنا و نسبنا، فلا مقدرة لنا على تغيير الأقدار، ليس المغرب ملكا لفئة دون أخرى وليكف أصحاب العقول الضعيفة على زعزعة مبادئ التعايش والتآخي التي بني عليها مجتمعنا.