مشهد من أحداث الشغب بالدار البيضاء
كلّما حل موعد مباراة في كرة القدم بالدار البيضاء، تعيش المدينة حالة من الفوضى التي يتسبب في إحداثها جمهور الرجاء والوداد وخصومهم الذين يحلون بالعاصمة الاقتصادية، تاركين ورائهم العديد من آثار التخريب. لكن وفاة حمزة البقالي خلال الشهر الماضي دفعت بالسلطات إلى التفكير جيدا في مسببات هذا الشغب وسبل الوقاية منه.
من المعلوم أن موجة الشغب تضرب العديد من البلدان، لكنها لم تحل بالمغرب إلا خلال السنوات الأخيرة مع الإشارة إلى أن الشغب بالمغرب يتركّز بشكل كبير بمدينة الدار البيضاء، بعد أن صار الملعب حلبة للصراع تجذب القاصرين -من الأحياء الهامشية- الذين ليس لديهم ما يخسروه معبرين عن غضبهم بطريقة متوحشة.
يبدو أن عنف المشجعين القاصرين ناتج عن سنوات من فشل النظام التربوي وعدم قدرة المغرب على منح الأمل لشبابه المحطّم. يقول كليفورد ستوت، مستشار بريطاني في خدمة الحكومات فيما يتعلق بتدبير عنف المجموعات، إن أغلب الحالات ما هي سوى انعكاس لرغبة أعضاء طبقة مهمشة في توجيه ضرباتهم نحو طبقة يرون أنها تحظى بالعديد من الامتيازات، ويضيف قائلا” العنف لا يكون دون معنى، ولا يجب عزله عن السياق الاجتماعي…هؤلاء الشبان ليسوا مجرد مشاغبين لأن ما يقومون به تدفعه روح فقدان الشرعية في العلاقات بين من يقوم بالشغب وضحاياه”.
ويقول السيد ستوت إن المباريات أصبحت مناسبة يحس من خلالها الناس أنهم أقوياء وهو الأمر الذي يمكن أن يجلب الوبال على ضحاياهم، مثل فيروز اليوسفي، التي كانت تتوجه رفقة صديقاتها للسهر بإحدى الأماكن بالبيضاء في اليوم الذي لعب فيه الرجاء الرياضي ضد الجيش الملكي، حيث تم تكسير نظاراتها كما تم سلبها وصديقاتها هواتفهن النقالة وحقائبهن اليدوية. وعن هذه الليلة، تقول فيروز، 20 سنة،” كنا نمشي في الشارع ونسينا أن هناك لقاء بمركب محمد الخامس” وتواصل اليوسفي، طالبة تدرس العلوم السياسية بباريس، كلامها قائلة” لقد كانوا حوالي أربعين مشجعا وكنا أربع فتيات، طرحوني أرضا وشرعوا في لكمي، ولحسن حظي لم يلمسوا مناطقي الحساسة، عكس زميلاتي”.
يقول المستشار ستوت، الخبير في عنف المجموعات، إن الحشود هي فرصة يحس من خلالها الأشخاص انهم أقوى “وحين يصبح الإنسان أقوى، يمكنه خلق العالم من حوله…كما يشرع في التعبير عن نفسه وعن هويته”.
يتم إدخال الجماهير التي لا تتوفر على تذكرة إلى الملعب بعد نهاية الشوط الأول في محاولة لإزالتهم من الشارع وتفادي مهاجمتهم للمارة، ورغم تدابير الأمن الصارمة إلا أن لقاء الوداد الرياضي والجيش الملكي يوم 14 أبريل تحول إلى ساحة للوغى، بعد أن رمى المشاغبون بالحجارة واقتلعوا الكراسي ورموها داخل رقعة الملعب، كما عرف اللقاء وفاة المشجع حمزة البقالي وتخريب العديد من المنشآت الرياضية. وعلى خلفية هذه الأحداث، تلقى فريق الوداد الريضي عقوبة بخوض أربع لقاءات من دون جمهور، كما تم فتح نقاش عمومي حول سبل وقف الشغب والدفع بالسلطات إلى اتخاذ تدابير جديدة.
يقول الخبير الإنجليزي ستوت إنه يجب على الحكومة أن تتعامل مع جذور المشاكل الاجتماعية وتوفير الأمن خلال مباريات كرة القدم، كما يقترح نشر عدد قليل من رجال الشرطة حول الملاعب وبمناطق أخرى عوض استعراض القوة من خلال نشر أعداد كبيرة منهم ومن سيارات الشرطة، حيث يقول ” المشجعون يحتقرون رجال الشرطة ويرون فيهم الجناح القمعي للنظام، لذا يجب استعمال التفاهم عوض القوة، لأنه لن يكون كافيا، على الأمد البعيد، تحويل الملاعب إلى خارج المدينة”.
أكورا بريس: ترجمة نبيل حيدر