تزايدت ظاهرة تشغيل الخادمات المغربيات بأعداد وافرة في مدينتي سبتة ومليلية، الواقعتين شمالي البلاد وتخضعان لسيادة الحكومة الإسبانية، لانجذابهن للعروض المقدمة من طرف العائلات المُشغّلة التي باتت مُجبرة على تمتيع هؤلاء الخادمات بكافة حقوقهن القانونية وفق ما هو معمول به داخل التراب الإسباني.
وحذر حقوقيون مغاربة من مغبة تسلل خادمات مغربيات قاصرات للعمل في مدينتي سبتة ومليلية السَّليبتين مخافة استغلالهن من طرف الشبكات المختصة في المتاجرة بالبشر، وإخضاعهن للاشتغال في مهن مشينة بهدف الكسب السريع لتعويض الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه إسبانيا والمدينتان المغربيتان الخاضعتان لسيادتها.
ويُذكر أنه تعاقب على احتلال مدينة سبتة البرتغاليون عام 1415 والإسبان عام 1580، أما مليلية فتديرها إسبانيا منذ 1497، وأصبحت المنطقة تتمتع بنظام الحكم الذاتي داخل إسبانيا منذ سنة 1995، فيما يرفض المغرب الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني لهاتين المدينتين.
امتيازات قانونية
وتنامى إقبال خادمات مغربيات على العمل بالبيوت في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين بشكل لافت منذ فاتح مايو الجاري، للاستفادة من مجموعة من الحقوق المادية والقانونية تبعا لما هو معمول به داخل إسبانيا، حيث قررت أخيرا مندوبية الحكومة الإسبانية في المدينتين معا تطبيق القانون الذي يؤطر عمل الخادمات في البيوت.
ويتضمن القانون الجديد الذي ينسحب على خادمات البيوت المغربيات في سبتة ومليلية عددا من الحقوق والشروط الواجب توفرها في الخادمة؛ ومن بين هذه الحقوق الاشتغال وفق عقد للعمل يحدد ساعات العمل بين 20 ساعة و40 ساعة على الأكثر في الأسبوع، ودفع 20 إلى 45 في المائة من الراتب إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي، أما الشروط فتشتمل على حسن السيرة وإقامة الخادمة في مدينة تطوان القريبة من سبتة ومليلية أو المناطق المجاورة.
ودفعت الميزات التي يقدمها هذا القانون الإسباني مئات المغربيات القاطنات خصوصا في المدن المتاخمة لمدينتي سبتة ومليلية إلى عبور ما يسمى بالحدود من أجل الاشتغال في المنازل كخادمات في البيوت، أو لرعاية الأطفال والاعتناء بالمرضى وكبار السن الإسبان.
ليلى، في عقدها الثاني، إحدى هؤلاء المغربيات اللواتي تلقين عرضا للعمل في أحد البيوت في مدينة سبتة لرعاية رجل طاعن في السن وللقيام بأشغال البيت المختلفة، قالت في تصريح لـ”العربية.نت” إن أحد الوسطاء اتصل بها من أجل العمل مقابل راتب محترم وقوانين تتضمن الرعاية الصحية، واعدا إياها بتسوية وضعيتها في أفق الحصول على وثائق الإقامة هناك.
وأبرزت الخادمة أنه لا مجال للمقارنة بين العمل خادمة أو مربية أطفال في بيوت الأسر بالمدن المغربية، حتى لو كانت ثرية، وبين الاشتغال لدى بعض العائلات في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، لأن القانون الإسباني هناك يوفر للخادمات حقوقا واضحة لا تتحقق في قانون الخادمات بالمغرب الذي ما يزال يراوح مكانه.
الاتجار بالبشر
ودشنت منظمات حقوقية محلية حملات توعية للتحسيس بمخاطر ظاهرة تشغيل خادمات قاصرات في البيوت بمدينتي سبتة ومليلية السليبتين، واللائي يفدن من المناطق المجاورة لاغتنام فرص العمل وفق عقود قانونية، محذرة أسر الفتيات القاصرات من عواقب السماح لهن بالاشتغال كخادمات في سبتة ومليلية.
وبخصوص احتمال وجود عروض عمل للخادمات القاصرات في سبتة ومليلية، قال خالد السموني الشرقاوي رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان إنها عروض في الغالب تكون مشبوهة، وقد تكون وراءها شبكات متخصصة في الاتجار بالبشر، مردفا أن الفتيات غالبا ما يذهبن هناك في إطار عقود وهمية ليجدن أنفسهن مجبرات على الاشتغال في مهن أخرى غير شريفة.
ولفت الناشط الحقوقي، في تصريحات لـ”العربية.نت”، إلى كون الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إسبانيا، وأيضا سبتة ومليلية لكونهما تخضعان للسيادة الإسبانية، قد تدفع بعض الأشخاص والجهات إلى كسب الرزق عن طريق الزج بهؤلاء الخادمات في طريق الدعارة لمواجهة الكساد الاقتصادي الحاصل.
وشدد السموني على أن الدولة يجب أن تضطلع بدورها في حماية هؤلاء الفتيات من خلال التأكد هل لديهن كافة الضمانات الاجتماعية والقانونية للاشتغال لدى الأسر في سبتة ومليلية، محذرا بأنه في غياب هذه الضمانات قد تتعرض الفتيات للاعتداء أو للاستغلال الجنسي ولسلوكيات مشينة غير محمودة العواقب.
أما بالنسبة للخادمات البالغات، يُكمل السموني، فلا يمكن منعهن من العمل في مدينتي سبتة ومليلية خصوصا إذا كان سياق العمل قانونيا وأفضل من الاشتغال في مدن مغربية أخرى، مشيرا إلى أن “الدولة لا تكترث كثيرا بالعنصر البشري وتحاول الدفع به للعمل بعيدا عن مسؤوليتها كأنها تتخلص من عبء ثقيل على كاهلها”.
عن موقع العربية