فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
زهير داودي متحدثا عن ظروف العمل المهني خلال زيارة وزير الاتصال للقناة الثانية في حضور فيصل العرايشي وسميرة سيطايل
تعيش القناة الثانية هذه الأيام في علاقتها بالحكومة على إيقاع نقاش حيوي، محوره الأساسي الاستعداد للشروع ابتداء من فاتح ماي المقبل في تنفيذ دفتر التحملات الجديد الذي يغطي الفترة بين 2012 و 2014. حول هذا الموضوع والإشكاليات والرهانات المطروحة على الوسائل السمعية – البصرية العمومية، نحاور الزميل زهير داودي الصحافي المتمرس في القناة الثانية وعضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية.
– نبدأ هذا الحوار بالموضوع الأبرز الذي يسيطر حاليا على الساحة الإعلامية الوطنية: دفتر التحملات. كيف تلقيتم مضامين دفتر تحملات شركة (صورياد – القناة الثانية) الذي أعد من طرف حكومة عبد الإله بنكيران، و صودق عليه من قبل المجلس الأعلى للاتصال السمعي – البصري يوم 29 مارس المنصرم ؟ وهل تم إعداده وفق مقاربة تشاركية انخرط فيها المهنيون؟
– أصدقك القول إن قلت لك بأننا تلقينا كأيها الناس دفتر التحملات الجديد الخاص بالقناة، بل وقرأنا عنه في صفحات الجرائد قبل أن نطلع عليه ستة أيام بعد صدوره في الموقع الرسمي لوزارة الاتصال. كان وقع المفاجأة صادما، فدفتر التحملات جاء بمقتضيات كثيرة تتعلق بتغيير جوهري في هيكلة المواعيد الإخبارية وبإضافة نشرة جهوية يومية وببرامج سياسية جديدة وطنية وجهوية عددها خمسة في الأسبوع.
كل ذلك تم في تغييب تام لصوت الصحافيين وفئات المهن التلفزية المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والذين يشكلون الغالبية العظمى من المعنيين بالتنزيل الحرفي لدفتر التحملات الجديد.
المحامي عبد الكبير طبيح، وزهير داودي ومصطفى الخلفي في حديث ضاحك
إذن، هذه رهانات جديدة، وبالتالي كان من باب أولى إشراك المهنيين. أقدم إليك مثلا واحدا، اليوم أصبح مطلوبا من القناة إنتاج نشرة جهوية يومية ستبث في الغالب في منتصف النهار، وهذا أمر جيد مهنيا ونرحب به بالنظر إلى الرهانات المفتوحة بخصوص ورش الجهوية المتقدمة في بلادنا كما تنص على ذلك الوثيقة الدستورية الجديدة. لكن السؤال المطروح هو: هل بإمكان القناة تقنيا ومهنيا إنتاج هذه النشرة الإخبارية. الجواب بالقطع لا…
– لماذا لاتستطيع القناة إنجاز ذلك؟ علما أن دفتر التحملات أصبح ملزما بقوة القانون بعد مصادقة المجلس الأعلى للاتصال السمعي – البصري؟
– تسألني لماذا؟ لأن القناة بنت شبكة مراسليها في مكاتبها الجهوية الثمانية على أساس تقوية إعلام القرب في نشراتها الإخبارية وبالضبط في نشرة الظهيرة. وهذه المكاتب تتوفر على صحافي وحيد في كل مكتب جهوي يشتغل سبعة أيام على سبعة، حيث لم يتمكن الزملاء من انتزاع حقهم في العطلة الأسبوعية إلا قبل أشهر.
هؤلاء الصحافيون لا يمكنهم الاشتغال بوتيرة تتطلب منهم المساهمة في مختلف النشرات، وهنا تطرح إشكالية الموارد البشرية. وحتى نبقى داخل رقعة المهنية، فالقناة تحتاج على الأقل إلى ثلاثة صحافيين مراسلين في كل مكتب جهوي وذلك بالنظر إلى الشساعة الجغرافية لكل جهة على حدة. كما تحتاج إلى مبلغ 83 مليون درهما لتجهيز هذه المكاتب وفتح ثلاثة أخرى جديدة في كل من جهة (وادي الذهب – الكويرة) و جهة (طانطان – كلميم – السمارة) وجهة (تادلة – أزيلال). وهنا الحكومة، على لسان السيد مصطفى الخلفي، قالت وتقول إنها ستوفر الموارد المالية لضمان تنفيذ دفتر التحملات.
– لكن متى وكيف؟
– سؤال مهم و الجواب عليه مازال لم يتضح بعد. وهنا مربط الفرس، والتخوف السائد لدى الزملاء و العاملين في القناة، هو أن يتم توريطهم في بداية تنزيل الدفتر الجديد للتحملات دون أن تتمكن القناة من الحصول على الإعتمادات المالية الكافية لحسن تنفيذ مشروع يشكل بالنسبة إلى السيد مصطفى الخلفي رهانا مصيريا لما يعتبره دورا محوريا للقناة الثانية في المساهمة الفعلية في التنزيل الديمقراطي للدستور والإشعاع الدولي للمغرب.
– أول أمس السبت عقدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في الرباط الاجتماع الدوري لمجلسها الفيدرالي، هل نوقش موضوع دفتر التحملات الجديد من طرف أعضاء المجلس؟
– بالطبع كان هذا الموضوع الهام في صدارة جدول أشغال الاجتماع، و قد كانت تدخلات العديد من الزميلات و الزملاء حادة و منتقدة للطريقة التي اعتمدت في إعداد دفتري تحملات كل من الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة و القناة الثانية.
ويمكن القول، وهذا ما عبرت عنه صراحة، إن وزير الاتصال وضع (شبكة برامج) و ليس دفتر تحملات يتضمن التوجهات الأساسية. و هنا تحول السيد الخلفي من وزير سياسي إلى مدير للبرمجة و البث، يسطر التفاصيل و يدقق في المضامين و يحدد المدد الزمنية لكل منتوج على حدة. إقرأ دفتر تحملات القناة الثانية الذي يحتوي على 47 صفحة، و ستصل الى نفس الخلاصات.
– ولكن القانون يعطي للحكومة الحق في إعداد دفاتر تحملات الوسائل السمعية – البصرية العمومية، وهذا ما قام به وزير الاتصال.
– يا سيدي، أنا لا أقول العكس. لكن عندما أقول إن السيد الخلفي وضع (شبكة برامج)، فهذا يدفعني بالضرورة إلى طرح سؤال استقلالية وسائل الإعلام العمومية عن السلطة السياسية التنفيذية. كلنا يعلم أن رئيس الحكومة السيد بنكيران يشدد مرارا و تكرارا على أن مكونات فريقه الحكومي تعمل وفق مقاربة تشاركية فعلية و ليس صورية، غير أن طريقة إعداد دفاتر التحملات كشفت أن المقاربة التشاركية لم يتم إعمالها إطلاقا.
– ماذا تريد قوله تحديدا؟
– من موقعي كعضو في المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، أنتقد غياب التشاور مع المهنيين أثناء إعداد دفتر تحملات القناة الثانية، و هو انتقاد يستند إلى الواقع الملموس و يشكل قاسما مشتركا لعدد كبير من الزملاء و فئات العاملين. و هذا أمر عادي جدا يدخل في باب الانتقاد الذي لا يفسد للود قضية. و لكن الأمر الذي يفسد للود قضية هو ما يحصل حاليا داخل الحكومة على خلفية إعداد دفتر التحملات. كيف تفسر الهجوم الإعلامي الشرس الذي شنه وزير الشباب والرياضة محمد أوزين على زميله في الحكومة مصطفى الخلفي، على خلفية قرار هذا الأخير منع بث إشهار (ألعاب الحظ) على شاشة القناة الثانية. أولم يقل أوزين إن “الخلفي هو وزير للاتصال ومسؤول حكومي وليس فقيها أو مفتيا للديار يحرم ويخون”. إن كلام أوزين الذي نشر يوم 6 أبريل في إحدى اليوميات، أي بعد مرور 9 أيام على مصادقة المجلس الأعلى للاتصال السمعي – البصري (يوم 29 مارس المنصرم)، يعني شيئا واحدا: نص دفاتر التحملات لم يوزع على بعض أعضاء الحكومة إن لم نقل جلهم. فأين هي المقاربة التشاركية التي يلح عليها رئيس الحكومة؟ وكيف لنا أن نفهم قول أوزين: “قرار من هذا القبيل كان يجب أن يتخذ داخل مجلس الحكومة…؟”.
– ارتكازا على هذا المعطى الملموس، هل تتوقع حصول تطورات في الأفق المنظور على خلفية غياب المقاربة التشاركية داخل الحكومة؟
– لن أستغرب غدا، والحالة هذه، إذا قال أو صرح مسؤول في الائتلاف الحكومي علانية بأن مشروع دفاتر التحملات لم يناقش إطلاقا في المجلس الحكومي وأنه اطلع عليه عبر الصحافة بعد المصادقة عليه رسميا. ومن هنا لا أستبعد إمكانية إدخال تعديلات على العديد من مقتضيات دفاتر التحملات من طرف الحكومة بضغط من بعض الوزراء الوازنين.
– تتحدث عن إمكانية إدخال تعديلات، ولكن كيف يمكن تحقيقها عمليا؟
– هذه الإمكانية يتيحها بشكل صريح دفتر تحملات القناة الثانية استنادا إلى المادة 75 من الدفتر نفسه، والتي تنص على أنه خلال مدة الصلاحية المثبتة في المادة 74 (تمتد مدة صلاحية دفتر تحملات القناة الثانية من 2012 إلى 31 دجنبر 2014)، يمكن للحكومة أن تعرض على المجلس الأعلى للاتصال السمعي – البصري لغرض المصادقة، التعديلات المزمع إدخالها على دفتر التحملات.
– بعيدا عن دفتر التحملات و من منطلق أنك مهني متتبع و نقابي، ما هي قراءتك للواقع الإعلامي السمعي- البصري الوطني؟
– هذا الموضوع يطرح أربع نقاط أراها مهمة. أولا إن التحجج بضعف التمويلات وبالضغوط الواضحة التي تمارسها المقاولات المعلنة و خاصة على مستوى القناة الثانية، من أجل فرض تقديم منتوجات الترفيه التي لاتحمل من الترفية إلا الإسم والمسلسلات المدبلجة بدارجة (زنقاوية) و المسابقات الغنائية التي تعيد إنتاج الرداءة مع إصابة جودة الأغنية المغربية الأصيلة في مقتل، هذا مع تسجيل غياب أي رد فعل من قبل الإدارة العامة للقناة والتي ألفت خلال السنين الأخيرة الرضوخ فقط لجشع المعلنين و لبخل الجهاز التنفيذي الذي لا يقدم للقناة إلا خمسة في المائة من ميزانيتها السنوية ويفرض في المقابل ضمان الخدمة العمومية على مقاولة ما زالت تعيش إلى حدود الآن وضعا غامضا حتى بعد تأسيس ما يسمى ب(القطب العمومي).
عطفا على كل ذلك، فما تعيشه القناة حاليا هو نتيجة حتمية لاستمرار هيمنة المنطق التجاري الصرف في التدبير والذي يستجيب، شئنا أم أبينا، لأهداف المعلنين الذين لايهمهم إلا الربح المادي بعيدا عن مراعاة و لو الحد الأدنى للوظائف الحقيقية للإعلام السمعي- البصري العمومي في الإخبار والتربية والتثقيف والترفيه. لكن كل هذا الواقع المرير لا يبرر إطلاقا إمعان مسؤولي القناة في التزكية الواعية لمصيبة تكريس الفقر المتعاظم في المضامين المقدمة للمغاربة، وتغليب الطابع الرسمي على الإنتاج الإخباري المحض. و كل ماسبق ينسحب تماما على أداء الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة.
– وماذا عن النقطة الثانية في هذه القراءة؟
– الجواب السابق يقودنا إلى إشكاليات المضمون المطروحة بقوة في قنوات (القطب العمومي)، ذلك أن الضعف المسجل بهذا الخصوص مرتبط في المقام الأول بانعدام مخطط إستراتيجي إعلامي لدى المسؤولين لمواكبة كل التحولات العميقة التي تشهدها بنية العلائق داخل الدولة و المجتمع المغربيين والعالم ككل.
كذلك، لابد من القول إن الضعف المسجل في هذا السياق هو في المحصلة النهائية نتيجة للهيكلة العامة لهذه المؤسسات، و هي الهيكلة التي تغيب ميكانيزمات و معايير الاشتغال المهني الضرورية لتحفيز روح المبادرة وتشجيع الإبداع وإبراز الطاقات والكفاءات، بالإضافة إلى الإشكاليات المتعلقة بمسطرة التعامل مع قطاع الإنتاج والشركات العاملة من داخل بنيته. وهنا، وللحقيقة والإنصاف، وجب التنويه و الإشادة بالمقاربة الجديدة التي اعتمدها السيد مصطفى الخلفي في دفاتر التحملات الجديدة، و التي تستند إلى مراجعة مسطرة و فلسفة التعامل مع شركات الإنتاج، بما يضمن إعمالا حقيقيا لمبادئ الشفافية والنزاهة وتفعيلا ملموسا لمعايير تكافؤ الفرص وجودة المنتوجات السمعية – البصرية. وهذه واحدة من المطالب التي ناضلت من أجلها النقابة الوطنية للصحافة المغربية على مدى سنوات طويلة.
– ننتقل الآن الى النقطة الثالثة في قراءتك لواقع الإعلام السمعي- البصري.
من المؤكد أن هناك مجهودات استثمارية على مستوى اقتناء التجهيزات التكنولوجية الحديثة في القناة الثانية كما في الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، لكن المؤكد أيضا هو أن هذه الجهود لايمكن أن تتم بمعزل عن إيلاء الاهتمام اللازم بالطاقات البشرية التي تشكل العمود الفقري لكل ممارسة مهنية. وهنا يجب العمل على مأسسة ضمان التكوين المستمر والتأهيل المهني، وتوفير ظروف عمل مهنية تحفز على العطاء المبدع وعلى المبادرة المنتجة للقيمة المضافة، بما يستجيب للمعايير المهنية المعتمدة عالميا في هذا الإطار. هذا دون إغفال جانب مهم يتعلق بتحسين الظروف المادية للإعلاميين والعاملين، علما أن أجور الصحافيين و العاملين في القناة الثانية أصبحت متجاوزة مقارنة بالأجور التي تقدمها بعض الإذاعات الخاصة.
كما أن جل التعيينات في مناصب المسؤولية لا يخضع للكثير من الشفافية ولا لمعايير واضحة ومحددة تضمن احترام مبدإ تكافؤ الفرص وتعطي الأولوية للكفاءة وتعترف بالجهود اليومية التي يبذلها الإعلاميون ومختلف المشتغلين بمهن السمعي- البصري. وهذا ما يطرح ضرورة بلورة مسطرة تحدد شروط ومعايير الترشح لمناصب المسؤولية سواء كانت صحافية أو تقنية أو تدبيرية.
انطلاقا من هذه الملاحظات، فإننا في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، نطالب، و باستعجال، ببلورة استراتيجية محكمة وعقلانية لفائدة مختلف الوسائل السمعية – البصرية العمومية، وذلك لتحقيق طفرة نوعية تطور المحتوى و ترقيه إلى درجات عليا تسمح بمواجهة المنافسة القوية المفروضة من قبل مؤسسات إعلامية عربية و أجنبية. وهذا لن يتم إلا عبر إشراك المهنيين في وضع كل التصورات الخاصة بمستقبل وبتطوير الإعلام العمومي الوطني.
– وهنا تبرز أهمية إعمال الحكامة الجيدة في القطاع؟
– هذا السؤال يقودني إلى النقطة الرابعة في هذه القراءة، فقد أصبح اعتماد النموذج الجيد للحكامة مطروحا بقوة على هذه المؤسسات سيما في ظل دستور جديد يولى أهمية قصوى لأوراش إصلاح الصحافة والإعلام، وذلك لعدة أسباب أبرزها حاجتنا جميعا الى الدفع بتعميق المسلسل الديمقراطي المغربي أكثر ما يمكن، وأيضا للتلاؤم و التكيف بشكل مسؤول مع التغيرات الجذرية التي طرأت على قطاع الإعلام والاتصال في غالبية دول العالم.
لابد، و الحالة هذه، من إعمال الحكامة الجيدة داخل هذه المؤسسات التي عليها مسؤولية مضاعفة جهودها لتقديم خدمة عمومية تستجيب إلى رغبات وتطلعات كل المغاربة، باعتبارها مرفقا عموميا وقاطرة لكل القطاعات، بل وحجر الزاوية في التنزيل الديمقراطي لمضامين الدستور الجديد.
– ماهو رأيك في التعيينات الجديدة التي قامت بها الإدارة العامة للقناة الثانية، والتي همت مجموعة من الزملاء بمديرية الأخبار؟
– هذه التعيينات صدر في حينها بلاغ لتنسيقية القناة التابعة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، بلاغ هنأ الزملاء على الثقة الجديدة، والتي كانت منتظرة بالنظر إلى عطاءاتهم طيلة مسارهم المهنى والكفاءة والاستحقاق. وقد جاءت في سياقها المناسب، وحيث مكونات مديرية الأخبار تستعد لرفع تحدي تفعيل بنود دفتر التحملات في مرحلة أولى على مستوى الأخبار التلفزيونية وفي راديو (دوزيم) ابتداء من فاتح ماي المقبل. وهنا لا بد من التأكيد على استعجالية إخراج مخطط المسار المهني للصحافيين ولكل فئات المهن التلفزية في القناة. و التنسيقية الآن بصدد إعداد هذا المخطط، وستتقدم بمقترحات في هذا الصدد وستدافع عنها بكل الوسائل، لأننا نعتقد أن غالبية المشاكل داخل القناة مرتبطة بغياب الأفق في المسار المهني. و نسعى في التنسيقية إلى إرساء قواعد حقيقية بهدف مأسسة الترقيات المهنية استنادا إلى منظومة الحكامة الجيدة للموارد البشرية.
– في موضوع متصل، هل يستفيد الإعلاميون في القناة الثانية من دورات تكوينية منتظمة قصد تطوير أداءهم المهني؟
– سيكون من الإجحاف القول إن العاملين عموما في القناة لا يستفيدون من التكوين المستمر سواء داخل المؤسسة أو خارج المغرب، و لكن في المقابل لابد من التأكيد على أن هذا الشق المهم يحتاج الى إشراك فعلي لممثلي المهنيين في وضع التصورات و تحديد الحاجيات الخاصة بالجدوى من أي تكوين داخلي أو خارجي. و هذا المطلب سنناضل في التنسيقية من أجل تحقيقه.
– ألا ترى أن الفضاء السمعي – البصري الوطني في حاجة ماسة إلى قنوات خاصة تقارب مالا يمكن مقاربته في القنوات العمومية؟
– أعتقد أن مسألة تحرير الفضاء السمعي – البصري ما زالت بعيدة المنال. وهنا أتحدث عن الجهاز التنفيذي الذي أكد، على لسان وزير الاتصال، أن عام 2014 هو على الأرجح الموعد المتوقع لدخول قنوات خاصة إلى هذا الفضاء. بالنسبة لي أرى أنه من الضروري التفكير بعمق قبل المغامرة بإطلاق قنوات من طرف القطاع الخاص، وأعتقد أن تقييم تجربة الإذاعات الخاصة وما قدمته من إضافة للمشهد السمعي، والوقوف على نقاط القوة والضعف في هذه التجربة… أمر أساسي سيساعد على بدء تجربة إخراج قنوات خاصة في مستوى تطلعات المغاربة.
لكن قبل كل ذلك، يجب تأهيل و تقوية القطاع السمعي – البصري العمومي وجعله قادرا على التنافسية، هذا دون أن نغيب معطى محدودية سوق الإشهار والذي تعاني منه القنوات العمومية. وقد زادت حدة هذه المعاناة مع دخول قنوات فضائية عربية مجال المنافسة من داخل هذه السوق. ويتوقع أن تزيد هذه القنوات من ضغطها على سوق الإشهار المغربية المتقلصة أصلا. هذه المعطيات، و غيرها كثير، يجب أخذها في الاعتبار قبل الدخول في التحرير الفعلي لهذا الفضاء.
كذلك، الحكومة مطالبة بأن تحدد هل موقع القناة الثانية هو داخل جغرافية ما يسمى ب(القطب العمومي) أم خارجها، ذلك أن القناة تعتمد ماليا على نفسها من خلال عوائد الإشهار واتفاقيات الاحتضان و تسير بعقلية القطاع الخاص وفي نفس الوقت مطالبة بالخدمة العمومية، هذا ما العلم أن وسائل الإعلام العمومية في جل دول العالم الديمقراطي تمول كليا من طرف الدولة، والمثال البريطاني و الأمريكي واضح في هذا المجال.
عن جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، عدد الاثنين 16 أبريل 2012