يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
بقلم لحسن أمقران (أنمراي)- تنجداد
الامازيغية…تلك الكلمة التي تعني لنا الكثير، تلك الكلمة التي تلخص جوهر انتمائنا وكنهنا، تاريخنا وحضارتنا، لغتنا وحياتنا من كل جوانبها المتشعبة. كانت فرحتنا لا تقبل الوصف ونحن نستقبل قناة أبت إلا أن تسمي نفسها باسم اعتبرناه انتصارا لشرعية مطالبنا وعدالة قضيتنا، كان بودنا لو أن ميلاد القناة يكون طيا لصفحة من زمن ولى، واعتبرنا المبادرة عهدا جديدا في التعامل مع التنوع والفسيفساء والتعدد. انطلاقة آن الأوان أن ننساها ونوقف أحلام اليقظة هاته لنتوقف لتقييم تجربة التلفزة الامازيغية.
قد لا نختلف إن نحن قلنا أن أمورا جوهرية قد تغيرت – وإن كان البعض لم يستسغها بعد – وعلى رأسها تأتي مسألة كون اللغة الامازيغية لغة رسمية للمملكة المغربية ووجود قناة تحمل اسم “تامزيغت”. كان من المفترض أن تكون ناطقة رسمية بآلام وآمال الامازيغ ومرآة تعكس حياتهم وخصوصيتهم، أن تكون في مستوى العهد الجديد والانفتاح الرسمي على طابوهات الماضي.
في هذا المقال، سنتوقف على مجموعة من الملاحظات التي سجلناها كمتتبعين لهذه القناة، وإن كنا من قبل في مناسبة سابقة تناولنا بعض الهفوات في سعي منا لتنبيه القيمين على القناة إلى إمكانية تدليلها و تجاوزها بشكل بسيط وغاية في السلاسة، غير أن نداءنا كان مآله التجاهل و الاستهتار.
ان أكثر ما يحز في النفس أولا أن تكون مجمل المواد التي تعرضها القناة بالية متقادمة في رفوف زنقة البريهي، خاصة المسلسلات المملة والتي تمت دبلجتها إلى اللغة الامازيغية بشكل وضيع، وكأن الكم الهائل من الأطر الشابة التي تعج بها القناة مترجمون أكثر من كونهم صحافيين. إن الأعمال المترجمة والمدبلجة ظاهرة تعرفها أغلب القنوات التلفزية، لكن طغيانها يعتبر في نظرنا تحقيرا للمجتمع المغربي، الذي يجبر المشاهد على الاجترار والتكرار المملين وإخلالا بالمسؤولية في الارتقاء باللغة والثقافة المغربية الأصيلة، وخيانة لثقة المواطن المغربي وتيئيسا له في إعلام وطني مسؤول ومبتكر. إن تحويل قناتنا الامازيغية الى مركز للترجمة الركيكة، والدبلجة الوضيعة مسألة تستحق أكثر من تساؤل وتتطلب أكثر من إجراء.
من جانب آخر تظل ظاهرة كثرة الأخطاء اللغوية ملفتة للنظر بشكل كبير. انه من العار أن تقدم قناتنا الرسمية على ارتكاب أخطاء فادحة فاضحة في الإملاء والتركيب والصرف، الذي تقدم دروسه في المرحلة الابتدائية بمؤسساتنا التربوية، ألا تستحق القناة أناسا أكفاء متمكنين من اللغة الامازيغية، خاصة أن أفواج المتخرجين من الجامعات في تزايد مستمر يستطيعون تنبيه زملائهم الفنيين إلى أخطاء أقل ما يقال عنها أنها كارثية؟؟ أين التدقيق اللغوي الذي يعتبر أولى خطوات العمل الصحفي؟؟ إننا نعلم الدور الفعال والحاسم للإعلام في تربية الأفراد وخاصة الناشئة، ومن غير المقبول بتاتا أن تقدم المعارف الخاطئة للناشئة وعبر قنوات رسمية وفاعلة تدخل البيوت دون استئذان. إن الساحة غنية باللسانيين واللغويين المتخصصين في اللغة الامازيغية والقناة مدعوة إلى استثمار هذه الطاقات الشابة و الطموحة احتراما لهذه اللغة العريقة.
وفي موضوع ذي صلة، لا شك أن اللغة الموظفة في القناة الثامنة هجينة تنخرها الرطانة سواء الموظفة في البرامج الإخبارية، الثقافية، الفنية أو السياسية. ان القناة الامازيغية أنشئت لتخاطب الامازيغ بلغتهم وكانت ثمرة نضال طويل للفعاليات الامازيغية. مما يقتضي توظيف لغة تحترم تجدر الامازيغ وعراقة حضارتهم و ارثهم الثقافي، فمن العيب أن نلجأ إلى الاقتراض المجاني و غير المبرر من لغات أخرى وإن كان من قائل أن التواصل وفهم “الخطاب” يسمو فوق اللغة المستعملة. إذا سلمنا بالدور الريادي للإعلام في تهيئة وتقعيد اللغات وكون القناة الثامنة تهدف إلى الرفع من مستوى اللغة الامازيغية ونفض الغبار عن ثقافة طالها التناسي، فإن من مسؤوليات القناة التنقيب على اللغة الامازيغية في التخوم والأعالي، ثم إعادة إحيائها وتعميمها على أهلها. إن القناة تتحمل مسؤولية أكثر من غيرها في توظيف ونشر اللغة الامازيغية الحقيقية، لا خليط لغات بلكنة ونطق أمازيغي، صحيح أن الاقتراض ظاهرة صحية نجدها في كل اللغات،إلا أن استئثاره بحصة الأسد في لغة قد يعرض اللغة الى اتهامات بالضعف و عدم مسايرة الركب الحضاري.إننا نؤمن أن الاقتراض، كما هو معمول به في قناتنا، عملية غير بريئة ومحاولة لإضعاف اللغة أكثر فأكثر وبالتالي تنفيذ الإعدام البطيء في حقها.
من جهة أخرى لا شك في أن من يتابع قناة “تمازيغت” سيلاحظ طغيان السهرات والحفلات بشكل غير مبرر تماما خاصة وأن ساعات البث – التي سنعود إليها لاحقا- جد محدودة. إن المشاهد لهذه القناة سيظن لا محالة أن المغاربة عموما و الامازيغ على وجه الخصوص لا هم ولا غم يعكر صفو معيشهم، أن المغرب بلد “النشاط” بالمفهوم العامي حيث لا فكر نناقشه و لا ثقافة راقية تعرض و ليس لنا غير الغناء و الرقص و السهرات،لكن أي سهرات ؟؟ تمييع الفن الامازيغي الراقي و تكريس فلكلرته في أبشع صورة يمكن تخيلها.عذرا أيها القيمون على قناتنا لكن سنقول لكم وبأعلى الأصوات إننا كمغاربة لنا قضايا اجتماعية، اقتصادية، ثقافية، سياسية وحقوقية تستحق كل الدراسة والتحليل، والقنوات التلفزيونية أفضل الوسائل وأقواها لتناول القضايا والتعريف بها . إنكم تقزمون مشهدنا الثقافي والفكري!!رجاء، نريد قضايانا في قالب فني ملتزم وجاد، أما “الفن” الذي أنتم به تتبجحون فقد سئمنا من تجريحه لمشاعرنا وخدشه لحيائنا بما يكفي و يزيد !!
عودة الى موضوع ساعات البث، تشتغل قناتنا التلفزية منذ انطلاقتها ست ساعات في اليوم وهو أمر كان طبيعيا جدا وسليما – في وقت مضى – قد يفسر بعدم جاهزية المواد التي ستعرض على المشاهد، أما و مصلحة الإنتاج يفترض أن تتجاوز طور الإعداد، فمن غير المعقول أن نستمر بهذه المدة بعد مرور سنتين على الانطلاقة، فالاشتغال لربع يوم مهانة وتحقير للثقافة الامازيغية الغنية ولأهلها.الأمر أكبر من أن يفسر بشح المنتوج،خاصة و أن قناة كتب علينا أن تحمل اسم أغلى ما نملك في هذا الوجود جزء من قطب متجمد آن الأوان له أن ينصهر ليواكب التغيير.ان مسؤولي القناة ملزمون بتدارك هذا التأخر الذي لم يعد له من تفسير مقنع و ذلك عبر زيادة ساعات البث بشكل ينصف جمهور القناة وغنى ثقافتنا المغربية و تعدد قضايا المجتمع المغربي.
كي لا نطيل و باختصار شديد،إن قناتنا و القائمين على الشأن الإعلامي في بلادنا سواء وزارة الاتصال أو الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون مدعوون إلى العمل الجاد والاجتهاد المسؤول والمساهمة في بناء وتحقيق المشروع المجتمعي إن هي أرادت أن تكون مفخرة المغاربة وتؤسس لإعلام مواطن ووطني، الباحثون والمتخصصون في الدراسات الامازيغية مستعدون لا محالة من خدمة لغتهم ومد يد العون لكل من يرغب في ذلك، ويكفي أن تفتح القناة أبوابها أمام هؤلاء للاستفادة من كفاءتهم و توجيهاتهم وخبرتهم الطويلة في الدرس اللساني بشكل تطبعه الشفافية بعيدا عن العشوائية والزبونية المفترضة في التوظيفات بالقناة، إننا كمغاربة، نستحق أكثر من هذا الوضع في الميدان الإعلامي بوجه عام و المرئي بشكل خاص و الذي يعتبر قنطرة إلى الميادين الأخرى،خاصة أننا نؤدي ثمن استمرار هذه القنوات من عرق جبيننا.إنها صرخة جديدة و جادة نوجهها الى القيمين على القناة لتحسين مستوى الإعلام الامازيغي و البحث عن الجودة الإعلامية والمردودية والكفاءة المهنية خاصة في زمن العولمة والمقاولة بمفهومها الشامل فهل من آذان صاغية.