بقلم: المختار لغزيوي [email protected]
خرجت العدل والإحسان من حركة 20 فبراير بعد أن ساءت العلاقة بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة، وشرع الشباب من المستقلينواليساريين يفهمون أنه من غير الممكن بقاء هذا الخليط غير المتجانس قائما على الإطلاق، وبعد أن قرر أتباع الشيخ أن الوطر تموانقضى من الحركة التي خرجوا باسمها إلى الشارع شهورا طويلة منذ العشرين من فبراير الماضي، وحتى الأحد الأخير الذيرأوا فيه السلاسل بين أيدي الشباب ممن استوعبوا أن نزولهم إلى جانب العدليين في المسيرات يجب أن يكون نزولا محميا أو ألايكون، خصوصا بعد أن تكاثرت حوادث الاعتداء المعنوية أو المادية من طرف أهل الجماعة على العشرييين، وبعد أن سمعناناشطين في الحركة يقولون إنهم يفكرون في الهرب بعيدا عن المغرب تلافيا للضغط الذي تمارسه عليهم جماعة ياسين باستمرار.
قرار العدليين جاء مفاجئا، حتى بالنسبة لبعض مناصريهم وأعضاء جماعتهم الذين كانوا يوم الأحد الفارط يتحدثون عن تصعيدنوعي في النضال عبر حركة 20 فبراير، والذين وجدوا أنفسهم صبيحة الاثنين ملزمين بتفسير قرار لم يتخدوه وإنما تلقته أغلبيتهممن مجلس الإرشاد على شكل بيان يقول بشكل مبهم ما تريد العدل الوصول إليه اليوم في المغرب. البعض قال هدية لبنكيرانواستمرار للحظات الهدنة التي أعطيت له من كل الفرقاء السياسيين المحليين، والبعض قال “هو أمر أبعد ما يكون عن الهدية لأنهيعني أن العدل والإحسان التي تتظاهر أسبوعيا أمام أنظار الجميع، ستركن مجددا إلى سريتها الشهيرة، وستعود إلى مجالسهاالداخلية لكي تهيئ منها ما تريد فعله في البلد الآن”، والبعض الثالث قال إن “ياسين مريض، وأن صحته تدهورت جدا في الأيامالأخيرة، وأن هذا التدهور والخوف من تطور خطير في صحة الشيخ هو السبب الرئيس للقرار المفاجئ لأن العدل لا يمكن أن تغامربإبقاء الأنصار في الشارع تزامنا مع ماقد يكون لحظة حاسمة لها ولصراعات الخلافة داخلها”.
من بين الآراء الثلاثة سارعت الجماعة لنفي الرأي الثالث. البيان الصادر عنها يقول إن “الشيخ بصحة جيدة، وأنه لا وجود لهذاالتفسير نهائيا خلف قرار مجلس الإرشاد”، لكن النفي هنا لعب دور التأكيد، خصوصا وأن الكل يعرف بأن الشيخ عبد السلام يعانيمن أمراض كثيرة منذ مدة غير هينة، وأن الأمراض انضافت إلى عنصر السن، وهو عنصر عادي لا يسلم منه أي آدمي كيفما كاننوعه، وإن كان قادرا على ترؤس مجلس النصيحة في سلا ووجدة والرباط في اللحظة ذاتها مثلما كان يقول ياسين_ غفر الله له _عننفسه في أوقات سابقة.
هل ستموت العدل بموت ياسين؟
بداية لا نتمنى لأي كان إلا الخير، ولا نرى أن الحديث عن هذه المسألة يمس بشخص الإنسان ولا بمشاعر المقربين منه، لكن الأمريندرج هنا في إطار تحليل سياسي مفروض علينا جميعا، لأنه يتعلق بجماعة معارضة قوية، لا وجود فيها لديمقراطية أو لتبادل آراء،بل تخضع بشكل مباشر وواضح لتوجيهات وأوامر الشيخ، الذي يدين له أعضاء الجماعة بالولاء الأعمى، ما يعني أن اختفاءه فجأةأو بعد انتظار معين عن عن الساحة سيكون له بالتأكيد أثر كبير على كل القرارات التي ستتخذها الجماعة، وسيكون له تأثير أكبرعلى وحدة الصفوف داخلها في ظل انعدام أي اسم مرشح لخلافة الرجل، ومحقق للإجماع حول اسمه، وفي ظل إيمان عناصرالجماعة وأعضائها وأغلبية المتعاطفين معها أنها لن تعيش حقا إذا ما غاب ياسين يوما.
من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، عبارة رنت في الذاكرة الإسلامية كثيرا بعد رحيلالرسول (ص)، وهي عنت للمسلمين أن الإسلام كدين بقي بعد الرسول دون إشكال، لكنها بالنسبة لحركات الإسلام السياسي لا تعنيأي شيء، لأن هذه الحركات أسست في أغلبها فكرة وجودها على التمحور حول شخص واحد يكون هو الحكم الرئيس فيها، والحاكمالأول والأخير بأمره، لذلك يتوقع الكثيرون أن تنطفئ جذوة العدل والإحسان بمجرد انطفاء جذوة مؤسسها وزعيمها، ولذلك أيضايرى المتتبعون القريبون من الجماعة ومن عوالمها أن القرار الأخير له علاقة بشكل أو بآخر بصحة الشيخ، وبترتيبات الخلافة داخلجماعته، ولا يستبعدون أن يكون لصعود إسلاميي المؤسسات عبر العدالة والتنمية إلى الحكومة وتسيير شؤونها, صلة أخرىبالتطور الجديد الذي اختارته الجماعة أو فرض عليها، خصوصا بعد أن اتضح أن الخرجات الأسبوعية للحركة التي ركبت عليهاالعدل والإحسان هي خرجات لن تعطي ثمارها ولو استمرت الدهر كله.
يبقى السؤال الأهم من الجماعة من عوالمها المظلمة كلها هو ذلك المتصل بالجهات التي ستملأ الفراغ الذي ستتركه فيالشارع، وهل سيتمكن اليسار “المتشرذم” من إقناع الشباب بالخروج وراءه إلى “البيكنيك الديمقراطي” الذي يرى الكثيرون أنهملزم بالاستمرار من أجل مزيد من التكريس للمكتسبات التي تمت لحد الآن؟ أم أن الشباب المغربي عير المنتمي ملزم بالبحث عنجهة أخرى تستطيع أن تحمل معه هذا الحلم المغربي الذي يقوده كل نهاية أسبوع إلى الشارع؟
للمستقبل بالتأكيد طريقته للرد علينا، ولنا نحن المزيد من المتابعة والانتظار.
عن الزميلة: الأحداث المغربية