مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي
أجرت جريدة «لوسوار إيكو» حواراً مع علي بوعبيد، عضو المكتب السياسي قدم من خلاله تصوره لرهانات الانتقال إلى المعارضة والتحديات المطروحة على الاتحاد الاشتراكي.
فيما يلي ترجمة كاملة للحوار:
الاتحاد الاشتراكي تحول الى المعارضة، لماذا أقدم على هذا الاختيار؟
بالتأكيد، تجمعت عدة عوامل أدت إلى قرار العودة إلى المعارضة. ولكن في السياسة، ما يهم هو القرار النهائي، والتبريرات بغض النظر عن الحيثيات التي قدمها المكتب السياسي، ستظهر في محك الزمن، وبالخصوص في محك الخط السياسي الذي سيتخذه الاتحاد الاشتراكي في المعارضة.
بالنسبة لي، أقتصر على ذكر ثلاثة معطيات، الأول هو أن هذا القرار يستجيب لانتظار ملح يعبر عنه المناضلون من أجل الحسم مع ما يعيشونه كمأساة، وأعني المشاركة في حكومة 2002 بعد البيان الشهير لعبد الرحمان اليوسفي حول «عدم احترام المنهجية الديمقراطية» في قيادة الحكومة. وعلى هذا المستوى، تعامل المكتب السياسي بذكاء من خلال التعامل مع هذه النبرة الحساسة لدى المناضلين. واختيار المعارضة دون نقاش حقيقي في العمق سمح بما يشبه طرد الأرواح الشريرة! ومن خلال تعبئة المناضلين والاحتفال بالعودة إلى المعارضة كما لو أنها انتصار، يتم القفز على نقاش حقيقي حول نتائج الانتخابات وحول مسؤولية القيادة في ترسيخ هذا الطلاق بين الاتحاد الاشتراكي والمغاربة.
المعطى الثاني هو أن اختيار المعارضة يستجيب لحاجة ملحة في توضيح الحقل السياسي، والذي سيعطي لمواطنينا محددات يمكن قراءتها بمقاييس المشاريع البديلة أو الحساسيات المختلفة على الأقل, فلا يمكن بناء ديمقراطية دون فرز.
وأخيراً، خيار المعارضة يفرض نفسه لأسباب تطهيرية, بعد 13 سنة من المشاركة في الحكومة، وكان يجب القطع مع هذا المنطق الجهنمي لمشاركة ممنهجة وغير مبررة، والتي أبان الحزب عن ضعف في القدرة على قيادة إجراءاتها العملية بخط سياسي واضح، وبالتالي، فإن خيار المعارضة يستدعي مناقشة نجاعة وقيمة هذه المشاركة.
وفي سياق هذه المراجعة التي ستسبق إعادة ترتيب الأوضاع، لم يكن هناك من خيار آخر ممكن، لأنه لابد من التحلي بالنزاهة الفكرية والاعتراف بأن عرض حزب العدالة والتنمية عرض ملموس سياسياً، وبالتأكيد أكثر إغراء من عرض 2002، بل وحتى عرض 2007! فهو عرض يلتقي في أولوياته المعلنة، وبالأخص من خلال إصرار مهندسيه (إعادة الاعتبار للمؤسسات السياسية، محاربة أوضاع الريع، تخليق الحياة العامة… إلخ) أولويات عبرت عنها الكتلة منذ 1998 ولم تستطع تجاوزها. وبعبارة أخرى، لو كان حزب العدالة والتنمية لسنة 2002 أو لسنة 2007 هو حزب العدالة والتنمية اليوم، كان كل شيء تقريباً ممكناً. لأنه إذا كان حزب العدالة والتنمية يبقى حزباً محافظاً على المستوى الإيديولوجي، فإنه يعتبر تقدمياً على المستوى السياسي على الأقل في نواياه!
هل مازال هناك معنى للكتلة؟
الكتلة استنفدت منذ مدة المرتكزات الاستراتيجية والتاكتيكية التي شكلت ازدهارها في سنوات 90. فهي لا تحمل أي خط سياسي، سواء من حيث تدبير الشؤون العامة أو من حيث المواقف المشتركة. هذا واقع مؤكد ولا نقاش فيه، ويمكن تأكيده من خلال عدة أمثلة.
ما هي التحديات الأساسية التي تنتظر الاتحاد الاشتراكي، وما هي وظيفته الآن بعد أن أصبح في المعارضة؟
المعارضة، كما الحكومة ليست مريحة. ولكنها قد تكون صحية بالنسبة للحزب ولحيوية اللعبة الديمقراطية، إذا ما ساهمت بتصور شمولي من خلال تنظيم مؤتمر لإعادة البناء السياسي وتجميع مكونات الحركة الاتحادية. والدستور يمنح هوامش تحرك لا يستهان بها, يتعين استغلالها بذكاء. وهذا أهم تحدي. الحرص والتتبع والاقتراح ومراقبة العمل الحكومي كلها مهام موكولة للاتحاد الاشتراكي من أجل جعل البرلمان مركز الحياة الديمقراطية. فالبرلمان كما الحكومة أو حتى العمل الحزبي كلها واجهات لإعادة الاعتبار ومحو الصورة البئيسة للعمل السياسي.
أكثر من 25 قانونا تنظيميا ستتجسد دون الاتحاد الاشتراكي. ألا يشكل ذلك خطرا على المستقبل الديمقراطي للمغرب؟
لا يجب أن ننسى أن مشاريع القوانين التنظيمية المطروحة تساهم في المسلسل التأسيسي الذي لا يقتصر فقط على إقرار النص الدستوري الذي هو بالضرورة عام وغير دقيق في العديد من النقط. لذلك من مصلحة جميع الفاعلين أن تكون هذه القوانين موضوع تشاور واسع يشارك فيه حتى المجتمع المدني. فهذه القوانين التنظيمية هي التي ستعطي محتوى لوعود الديمقراطية ودولة القانون التي يحملها الدستور.
هل سينجح الاتحاد الاشتراكي في تجميع اليسار؟ (الحزب الاشتراكي الموحد،
حزب الطليعة الديمقراطي، النهج).
على الاتحاد الاشتراكي أن يبدأ بإشراك مكونات الحركة الاتحادية في أفق تنظيم مؤتمر للوحدة والتجديد والانفتاح على الفاعلين في المجتمع المدني.
اليسار يعيش تراجعا ملموسا في مجموع العالم العربي وغيره. ألم تلفض الشعوب العربية نهائيا الاشتراكيين ومثلهم؟
تنامي المحافظين وتفريعاتهم هو في الغالب تعبير عن قلق تجاه تغيير بدون أفق واضح للترقي الاجتماعي. وهذا التردد الذي يميز زمننا المعولم، يقدم الفكر المحافظ والرجحي أجوبة بسيطة مطمئنة، وغالبا ما تكون دفاعية وليست حلولا. أما اليسار فإنه يثير انتظارات، ولكنه مازال لم يقنع بمشروع. فمثل التقدم والعدالة الاجتماعية في إطار الحرية ليس مرفوضة أو منبودة.
على العكس تماماً! ربما شروط تنفيذها هي التي أصبحت صعبة في ظل الظرفية الاقتصادية الحالية والمستقبلية.
بنكيران يريد التحاور مع حركة 20 فبراير. كيف سيتعامل الاتحاد الاشتراكي مع شباب هذه الحركة، علما أن جزءاً مهماً من شبيبته منخرط فيها؟
الدينامية التي خلقتها حركة 20 فبراير نبهت وأيقظت الضمائر. والدولة ارتكبت أخطاء عندما قمعت جملة وتفصيلا هذه الحركة. فلا ديمقراطية بدون احتجاج متواصل. علينا أن نتعود على ذلك. فثقافة الإجماع لا يمكن تبريرها إلا في أوقات الحرب أو الكارثة الوطنية. خارج هذه الفترات، غالباً ما ننسى أنها قبل كل شيء علامة نظام تسلطي واستبدادي. والمغرب اختار الخيار الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه. وعلى الدولة أن تبني شرعية سلطتها على مثاليتها في قيادة الشؤون العامة. وعليها بعد ذلك، ودائماً تفضيل سبيل الحوار، وخاصة مع حركة 20 فبراير. والدستور يقدم هوامش للعمل للفاعلين المدنيين وللمواطنين الراغبين في التدخل والتأثير في النقاش العمومي. والقوانين التنظيمية المتعلقة بالخصوص بالشق التشاركي يجب أن يساهم هؤلاء الفاعلون في بلورتها.
متى سيتم تجديد نخب الحزب؟
هذا الموضوع يهم المؤتمر المقبل الذي كان يفترض أن ينعقد في نونبر 2011، والذي تأجل بسبب الاستحقاق التشريعي. فهو الذي يقرر في الأمر.
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي