السكاكري النصاب يعيد نشر ‘زابوره’ ظانا أن للمغاربة ذاكرة الأسماك
مع اعتماد اقتراع اللائحة وتوسيع الدوائر الانتخابية، ورفض مجموعة من الأحزاب تزكية بعض وجهائها، إما لكبر سنهم أو لماضيهم في الإفساد الانتخابي، أو لكثرة التناحر على مواقع وكلاء لوائح الترشيحات، عرفت الساحة السياسية أكبر عملية احريك حزبي لم يسلم منها أي واحد من الأحزاب السياسية، بما في ذلك الأحزاب التي تدعي أنها أحزاب ذات برنامج ذو حمولة إيديولوجية وثقافية كحزب العدالة والتنمية، وإن كان أنه الأقل تضررا من الأحزاب الكبرى، ولكنه إستفاد جزئيا من فيلم الهروب الكبير.
حزب العدالة والتنمية عمل كل ما في وسعه من أجل اعتماد دوائر انتخابية موسعة جهوية، وكان له ما أراد، حيث تم اعتماد حل وسط عن طريق اعتماد دوائر انتخابية موسعة في حدود عمالة أو إقليم.
هذا القرار فجر التناقضات وحرب التزكيات داخل الأحزاب الكبرى التي لم تستطع أن تلبي رغبات كل الوجهاء في احتلال مواقع وكلاء اللوائح في مجموع الدوائر التي تم دمجها في دائرة واحدة كما حصل في الراشدية، سطات، خريبكة، بني ملال، ورزازات، آسفي، مكناس.
وحسب مصدر مطلع، فإنه في أقل من شهر غَيَّرَ ما يقارب 600 من النخبة السياسية جلدهم وانتقمت الأحزاب الصغرى أو الأكشاك الحزبية الانتخابية الصغرى من الأحزاب الكبيرة التي فرضت القانون الانتخابي في البرلمان عندما فتحت ذراعيها من أجل تزكية كل الهاربين والحراكة الذين يبحثون عن مقعد في الغرفة الأولى ل 25 نونبر.
كبير النازفين لم يكن إلا البام، الذي أصابه النزيف في مقتل بعد هروب أكثر من 160 من المرشحين المتمرسين على العمل الانتخابي، والذين يمنون النفس باحتلال مقاعد وكلاء اللوائح في الترشيحات.
خمس الغاضبين في صفوف البام التحقوا بالكتلة، وفي مقدمتهم حزب التقدم والاشتراكية الذي إستفاذ من التحاق أكثر من 13 وحزب الاستقلال، الذي احتضن أكثر من 11 من الغاضبين يليه الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي لم يُزك إلا 6 منهم.
بعد أكبر النازفين يأتي أكبر الخاسرين وهو التجمع الوطني للأحرار، الذي فقد ما يقارب 90 من أطره الانتخابية بشكل جعل طموحه في احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة من باب التمنيات ليس إلا. وبالمقابل عزز حزب الاستقلال موقعه بعد الترهل الذي أظهره التجمع في التعامل مع استحقاق الترشيحات، مما يجعل حزب الوزير الأول أكبر مستفيد من النزيف الذي تعرض له حزب وزير المالية ويقوي حظوظه إلى جانب العدالة والتنمية في كسب رهان المرحلة المقبلة.
التقدم والاشتراكية كان المستفيد الأكبر، إنه جنة الهاربين. لقد فتح الحزب ذراعيه إلى ما يقارب 60 هاربا، 25 منهم من البام و 9 من حزب الاستقلال و 5 من الحركة الشعبية وإثنين من العدالة والتنمية والإشتراكي الموحد بشكل يعزز دور الحزب في إحتلال ترتيب متقدم يقوي به جبهة الكتلة تحت رئاسة حزب الاستقلال وحليفها المحتمل العدالة والتنمية.
حزب الحركة الشعبية كان الأكثر استقرارا في تدبير مرحلة الترشيحات، فقد إستطاع أن يحقق التوازن بين النخبة الهاربة والنخبة الوافدة بشكل يجعله غير متضرر البتة من هذا الاستحقاق، ويجعله النواة المستقرة لمجموعة الثمانية التي تعرض قطباها التجمع والبام إلى الاهتزاز والدخول إلى إستحقاق 25 نونبر بحظوظ ناقصة، كما كان عليه الأمر قبل شهرين أو ثلاثة أشهر. لقد استطاع امحند العنصر أن يعوض النزيف بفتح بابه أمام نخب جديدة.
العدالة والتنمية عوض سريعا النزيف الجزئي الذي تعرض له باستقطاب نخب جديدة آتية من البام وحزب الإستقلال والحركة الشعبية وجبهة القوى والمؤتمر الوطني الاتحادي، مما جعله يتحكم في آثار النزيف وإن كان أنه الأكثر ذكاء لأنه استعمل تكتيكه في تجميع الدوائر الانتخابية من أجل تأجيج التناقضات داخل أوساط غريمه البام وإضعافه، والتجمع دينامو مجموعة الثمانية التي لا ينظر إليها بعين الرضا.
الأحزاب الصغرى كانت المستفيد الأكبر بالنظر إلى دورها الذي كان جد هامشي في مرحلة الإعداد للاستحقاقات المقبلة داخل البرلمان الحالي، فبعد الإتحاد الدستوري الذي استعاد جزءا من نخبته التي هجرته، تأتي الحركة الديمقراطية الاجتماعية في طليعة المستقبلين للهاربين بما يقارب 40 وافدا، وحزب البيئة والتنمية المستدامة بأكثر من 25 وافدا، وحزب التجديد والإنصاف استضاف 25 رحالة، وحزب العهد الديمقراطي تجاوز عدد الوافدين إليه 15 مرشحا، أما الحزب الليبرالي المغربي فكان نصيبه 12 وافدا، وهو حال حزب الإصلاح والتنمية بالإضافة إلى أحزاب أخرى استقطب كل واحد منها 9 أشخاص من الغاضبين على الأقل، كما هو الشأن بالنسبة لحزب الإصلاح والتنمية وحزب الوحدة والديمقراطية، والحزب الديمقراطي الوطني وحزب الوسط الاجتماعي، وحزب الوحدة والديمقراطية، وحزب القوات المواطنة المقرب من العدالة والتنمية، مما يجعل دور الأحزاب الصغرى التي قد تكون استقطبت الغاضبين الذين لهم تجربة في العمليات الانتخابية في وضعية مريحة سيجعلها مدللة الأغلبيات البرلمانية المقبلة.
أكورا بريس