تبقى أمراض القلب السبب الرئيس للوفيات حول العالم، وهي حقيقة تدفع إلى إعادة تقييم حاسمة لخيارات نمط الحياة.
وتشير الأبحاث، بحسب تقرير نشره موقع “HuffPost”، إلى أن ما يصل إلى 80% من حالات أمراض القلب يُمكِن الوقاية منها من خلال اتباع نظام غذائي سليم وممارسة الرياضة؛ ما يوفر بصيص أمل وسط إحصائيات مثيرة للقلق.
وفي ضوء ذلك يبرز السؤال: هل النظام الغذائي النباتي هو الحل للحفاظ على صحة القلب؟
أثارت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد للطب هذا الموضوع من خلال التأكيد على فوائد النظام الغذائي النباتي للقلب والأوعية الدموية، مقارنة بالنظام الغذائي المكتظ بأنواع اللحوم، حتى عندما يكون الأخير متوازنًا بدقة مع الأطعمة الغنية بالمغذيات.
وكشفت الدراسة، التي لاحظت 22 مجموعة من التوائم المتطابقة على مدى ثمانية أسابيع، عن تحسن ملحوظ في صحة القلب بين الأفراد الذين يلتزمون بنظام غذائي نباتي، حيث شهد المشاركون انخفاضًا في كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (يشار إليه عادةً باسم الكوليسترول “الضار”) ومستويات الإنسولين وفقدانًا كبيرًا في الوزن.
وأكدت هذه النتائج التأثير العميق للخيارات الغذائية على صحة القلب والأوعية الدموية، حتى في إطار زمني قصير نسبيًّا.
ولم يُعرب أطباء القلب في جميع المجالات عن دهشتهم من نتائج الدراسة، مستشهدين بالأدلة الموجودة التي تدعم فوائد النظام الغذائي النباتي للقلب والأوعية الدموية. وأكدوا المظهر الإيجابي للقلب والأوعية الدموية المرتبط عادةً بالحمية النباتية، ودور النظام الغذائي النباتي في تقليل تناول الدهون المشبعة وتعزيز استهلاك الألياف، وهي عوامل محورية في التخفيف من مخاطر أمراض القلب.
لكن على الرغم من مزاياه، فإن النظام الغذائي النباتي لا يخلو من أوجه القصور المحتملة في العناصر الغذائية الأساسية، مثل: فيتامين ب 12، والحديد، والكالسيوم، وكلها عناصر مهمة لصحة القلب. ومع ذلك، من الممكن معالجة أوجه القصور هذه من خلال التعديلات الغذائية والمكملات الغذائية.
وبالمقارنة، فقد تمت الإشادة منذ فترة طويلة بنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي باعتباره المعيار الذهبي لصحة القلب، مع تركيزه على الأطعمة الصحية، مثل: الخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة، والبقوليات، وزيت الزيتون. يعترف أطباء القلب بوجود تداخل كبير بين النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والنظام الغذائي النباتي، مشيرين إلى تركيزهما المشترك على الأطعمة النباتية.
ومع ذلك، فإن إدراج الأسماك الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يميز النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، ويوفر ميزة فريدة في حماية القلب والأوعية الدموية.
في سعيهم لتحديد النهج الغذائي الأمثل لصحة القلب، يدعو أطباء القلب إلى اتباع منظور عملي في تبني إستراتيجية مستدامة طويلة الأجل، مصممة خصوصًا لتناسب التفضيلات الفردية وأنماط الحياة.
وفي نهاية المطاف، فإن الإجماع بين أطباء القلب واضح: إعطاء الأولوية للأغذية النباتية أمر أساس لتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية. وسواء اختار المرء نظامًا نباتيًّا أو اعتمد حمية البحر الأبيض المتوسط، فإن المبدأ الشامل للعناصر الغذائية الأساسية يبقى ثابتًا.
ومن خلال تبني نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات مع التقليل من تناول الدهون الحيوانية، يمكن للأفراد الشروع في الطريق نحو تحسين صحة القلب والجسد العامة.